طلائــع الإيـــرانيين
في لبنــان عشـــية عام 1969
بمناسبة
ذكرى قيام الثورة الإسلامية في ايران، قد يكون من المفيد العودة من خلال
"الذاكرة"، أن نستعيد شيئاً من ما في "الذاكرة اللبنانية"،
خاصة في ظل ما هو حاصل في لبنان من انهيارات على المستويات كافة، إن من ناحية
القيم والأخلاق وصولاً إلى الوضع المعيشي لجميع شعوب لبنان...
نعود إلى ما نشرته
مجلة "فتح" عام 1968 مقابلة مع "سماحة الإمام الأكبر، آية الله
العظمى، مفتي الديار الإيرانية الإمام السيد الخميني" كما وصفته المجلة،
وبحسب التعبير الذي استخدمته آنذاك المجلة ،أعلن الأمام الخميني فتوى تأييد الكفاح
المسلح الفلسطيني، وأجاز صرف الزكاة والتبرعات والصدقات لدعم الفدائيين. وفي أعقاب
تلك الفتوى، وفي العام 1969 على وجه التحديد ظهر الإسلاميون الإيرانيون في بيروت،
وكان أبرز هؤلاء:
إيراني الأصل ولكنه من مواليد العراق، درس في جامعة بغداد اختصاص الفيزياء الذرية، وهو رئيس اتحاد الفيزيائيين العراقيين، وكان داعية إسلامي مميز، ولكنه خرج متسللاً بعد صدور حكم الإعدام بحقه بمساعدة من حركة فتح من العراق في اوئل الستينيات إلى الأردن، وكان قائد حركة الشباب المسلم في العراق ، ثم انتقل الى لبنان بمساعدة من رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي (أبو اللطف) ، وكانت تربطه علاقات مميزة مع علماء دين لبنانيين درسوا في النجف، من أمثال السيد هاني فحص، الشيخ محمد فرحات، ليستقر به المقام في منطقة النبعة – الضاحية الشمالية لبيروت، وكان مقرباً من الشيخ محمود فرحات، لينتقل إلى برج البراجنة ويتزوج سيدة من جباع من آل غملوش،
وبعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979، أصبح ممثل مجلس قيادة الثورة، ومن ثم مسؤول العلاقات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني.
أحد الكوادر الإسلامية التي كانت نشيطة في الاتصال مع مجموعات الداخل في إيران، وكانت له خبرة خاصة في العمل التنظيمي السري.ولكن الشيخ حسن كروبي أثر الابتعاد عن دائرة الضوء، لكن برز شقيقه مهدي كروبي، أحد زعماء الحركة الخضراء، وهو من مواليد 1937، وكان قد عمل في التعليم في عدد من مدارس طهران قبل الثورة الإيرانية، كما كان ممثلاً ونائباً للأمام الخميني في إدارة شؤون الحج، ولا يمكن أن إغفال ما حصل عام 1987 في الحج عندما سقط ما يُقارب 400 حاج إيراني بين قتيل وجريح، نتيجة مواجهات بين الحجاج الإيرانيين وقوات الأمن السعودية، كما شغل مهدي كروبي منصب نائب رئيس الشورى ما بين العام 1985 و 1988، يُحكى بأنه من خاض المفاوضات مع الأميركيين في زمن الرئيس الأميركي رونالد ريغان، حيث ربطته علاقة مع منوشهر غربانيفار (سمسار يعمل مع أجهزة استخباراتية متعددة) حيث عرض وساطته لحل أزمة الرهائن الأميركيين في بيروت. يُذكر أن مهدي كروبي ساند هاشمي رفسنجاني في أيار/ مايو 1991 في قرار تشجيع عودة المغتربين الإيرانيين واستثمار أموالهم، وحتى بالسماح لكل المغتربين أصحاب الملفات منهم، بحجة بأنه لا يمكن ولا يحق للجمهورية الإسلامية أن تمنع أحداً من العودة إلى بلده. كما رفض وقوف إيران على الحياد أمام الحرب الأميركية على العراق. دعمه أحمد الخميني لتولي رئاسة الشورى بين 1988 و 1992، كما تولى رئاسته بين 2000 و 2004 كما كان عضواً في لجنة مراجعة الدستور في عام 1989، ولعب دوراً تأسيسياً في "روحانين مبارز" بعد إنسحابه من "الروحانيات"، وتزعُم بعض المصادر بأنه عندما ترأس "مؤسسة الشهيد" تحولت المؤسسة إلى مؤسسة عائلية، إذا جاز التعبير، فلقد تولى شقيقه إدارتها المالية، وعهد لزوجته بشؤونها الطبية، ووزع أبناءه وأبناء عمومته على أنشطتها الثقافية والإدارية، علماً أن عمل مؤسسة الشهيد يتداخل في بعض وجهه مع نشاط "مؤسسة المستضعفين"، حيث تتمدد مؤسسة الشهيد خارج إيران، حيث تتمتع بوجود الكثير من المراكز الطبية والمدارس في حوالي 12 دولة، من بينها لبنان واليمن ...ألخ. وحاليا يخضع الشيخ مهدي كروبي للإقامة الجبرية بسبب معارضته للمرشد السيد علي خامنئي.
جلال الدين الفارسي
عباس زماني
هؤلاء
الخمسة كانوا طليعة الإسلاميين الإيرانيين الذين أقاموا علاقات وثيقة مع
الفلسطينيين في آواخر الستينيات، ومطلع السبعينيات، وتراوحت أدوارهم في المشاركة
القتالية والأعمال التنظيمة أو عمليات التسليح.
كانت
منطلقات لقاءهم إسلامية في الأساس، من حيث أنهم كانوا يقومون بمهامهم استشعاراً لمسؤوليتهم في تحرير القدس التي كانت
قد وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد هزيمة 1967، وبينهم من كان يتبنى فكرة
"العالمية الإسلامية" مثل محمد حسين منتظري ومحمد صالح الحسيني .
ولابد من الحديث عن دور المقاومة الفلسطينية في تدريب وتأهيل القادة الأوائل للحرس الثوري الإيراني.
يحيى رحيم صفوي
والجدير بالذكر،
بأنه بعد مغادرة الامام الخميني في 6 تشرين أول/ أكتوبر 1977، النجف إلى فرنسا،
وتوجهه إلى البيت الصغير بضاحية"نوفل لو شاتو"، الذي قامت لجنة الطلبة
الإيرانيين بترتيب رحلة الخميني واستئجار البيت بالنيابة عنه، وعلى رأسهم أبو
الحسن بني صدر، كما إضطلع هؤلاء الاتباع بدور الحراس خشية من محاولات
"السافاك" التخلص من الإمام، كما حصلوا من الشرطة الفرنسية على تراخيص
حمل عدد محدود من الإسلحة، بما في ذلك قطعتا سلاح رشاش، كما أرسل أصدقائهم
الفلسطينيين لهم المزيد من السلاح. وكما سبق الذكر، كان البعض يقوم بالتنسيق مع
الفلسطينيين لتهريب الأسلحة إلى داخل إيران. علماً أن منظمة التحرير الفلسطينية، قامت
بتدريب الكثير من المتطوعين الإيرانيين في معسكراتها في لبنان، والذين أصبحوا
لاحقاً من قادة ورجال الحرس الثوري الإيراني، ومنهم حجة الإسلام فضل الله محلاتي
الذي كان مشرفاً على الحرس، الذي قُتل في حادث تحطم طائرة عام 1986. ووزير
الداخلية الأسبق عبدالله نوري، الذي أشرف عام 1980 على وسائل الاعلام
الإيرانية بالأشتراك مع علي أكبر محتشمي، والذي عُين ممثلاً للإمام الخميني لدى
الحرس الثوري، أي "مشرف الحرس الثوري الإسلامي" عام 1989، كما شغل نوري
عام 1990 منصب ريس "مجلس الأمن القومي"،كما كان نوري ممثلاً لوزارة الخارجية
في مجلس الشورى.
محسن رفيق دوست
ولا يمكن الحديث عن طلائع الإيرانيين القادمين إلى لبنان، دون الحديث عن "مهدي هاشمي" صهر آية الله منتظري، شقيق هادي هاشمي زوج ابنة منتظري.وكان مهدي هاشمي حليفاً سياسياً لمحمد حسين منتظري، وعضواً أساسياً في المجلسس الأعلى للحرس الثوري، علماُ أن محمد منتظري ومهدي هاشمي تلقوا تدريبات على حرب العصابات في لبنان، عدا عن تعزيز دور مفرزة الحرس في لبنان المُرسلة عام 1982، ولكن قُتل محمد منتظري في انفجار عام 1981 في طهران، وفي العام 1982 طُرد مهدي هاشمي من الحرس الثوري، ولكنه أسس مكتباً مستقلاً لحركات التحرر، وتزعُم بعض المصادر بأن "المكتب كان ينظم أنشطة تصدير الثورة بالتعاون مع الحرس الثوري"، ولكن في العام 1986 تم تسريب نبأ صفقة الأسلحة الأميركي إلى إيران إلى مجلة "الشراع" اللبنانية (تزعم بعض المصادر بأنه هو من سرب خبر الصفقة) ومنها إلى الصحف الإيرانية، علماً أن هاشمي رفسنجاني اعلن في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1986 صراحة أن إيران تعتزم شراء سلاح أميركي من أي مكان يتاح لها. وكان لهذا القرار أصداء عنيفة في إيران، حيث إلتف بعض نواب مجلس الشورى، بعد فضيحة صفقة "إيران كونترا" حول آية الله حسين منتظري، الذي هاجم الصفقة كما هاجم رفسنجاني، وخطط نواب الشورى ومنتظري المعترضين لإستجواب وزير الخارجية علي أكبر ولايتي، إلا أن الإمام الخميني تدخل لوقف هذا التطور، كما تدخل الخميني شخصياً في 20 تشرين الثاني / نوفمبر 1986 ليعلن عن رضاه التام على رفسنجاني، ويحمل على معارضيه، وهتافهم ضده بدلاً من الهتاف ضد الولايات المتحدة، عازيا ذلك إما لتأثرهم بالدعاية الخارجية وإما لإنسياقهم وراء طموحاتهم الشخصية. ومن ثم تم إعتقال بعض أبرز معارضي الصفقة في كانون الأول / ديسمبر 1986، وفي مقدمتهم مهدي هاشمي وقُدّم وصحبه إلى المحاكمة، ورغم اعتذار هاشمي علناً لرفسنجاني إلا أن القضاء أدناه بل وحكم عليه بالإعدام. والمفارقة برغم من دور آية الله حسين منتظري في تأجيج المعارضة لصفقة السلاح الأميركي، قد بعث برسالة إلى قائد الثورة الاسلامية الإمام الخميني يدعو فيها بل ويؤكد على ضرورة التحقيق مع المعارضين بغض النظر عن النتيجة التي ينتهي إليها التحقيق. وفي مطلع عام 1989 أقال الأمام الخميني آية الله حسين علي منتظري الذي سبق وعينه خليفة له، بسبب مساعيه لحماية مهدي هاشمي صهره، ومساندته لدعاة الحريات الداخلية في إيران.
الموضوع القادم: إيرانيون حول الامام السيد موسى الصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق