بيروت والزلازل والدمار
بيروت في عام 350 م، وصفت في كتاب "معرض العالم كله" بأنها المدينة الساحرة، وفي الفترة نفسها، يتحدث ليبانيوس عن بيريتوس "البديعة الجمال"[1]، وفي رسائل أخرى يسميها "مدينية فينيقيا الزاهية". لكن تكريسها أتى مرّة أخرى من بوستينيانوس. بالإضافة إلى التنويه المذكور في المقدمة الثانية من كتابه مجموعة القوانين ويدعى "الديجست" Digeste، هناك تنويه أيضاً في المقدمة الثالثة المسمّاة "دستور Tanta" يقول إن دورتيوس يعلّم "في بيريتوس أروع المدن[2].
كانت بيروت محاطة آنذاك بالجزر وبالرّياض المزروعة بالسّرو وأشجار النخيل وبغابات الصنوبر[3].(...)
وخلال القرن السادس حين بلغت بيروت ذروة مجدها الاقتصادي
والثقافي، داهمتها الكوارث الطبيعية فعاثت فيها خراباً ودماراً. صحيح أن المدينة
كانت معتادة على الكوارث إذ سبق وضربها زلزال في القرن الرابع نحو 334 وضرب أيضا
جيرانها لكنها ما لبثت أن نهضت من كبوتها بسرعة. في الزلزالين اللذين هزّا صيدون
وصور، الأوّل عام 494 والثاني 502 وأديا الى دمار المدينتين، لم تنل بيروت منهما
إلاّ قسط قليل من الأضرار اقتصر على دمار كنيس يهودي وبعض الأبنية. لكن الكارثة
الأعظم التي تسببت بخراب أوسع حصلت سنة 551، حين انسحب البحر إلى مسافة ميل من
الشاطئ وارتدّت أمواجه بعد ذلك كطود شاهق جارفة معها السفن الراسية كلّها لتنقضّ
من ثم على المدينة كلها وتتسبب بآلاف القتلى، قدّر عددهم بحوالي ثلاثين ألفاً
حسبما ذكر أحد الرحّالة[4]. وكتب اغانياس الذي صادف
نزوله في المدينة بعد وفاة بوستنيانوس عام 565 يقول:" بيريت، لؤلؤة فينيقيا
الأجمل، جرّدت من سحرها كله، هدمت مبانيها الرائعة الشهيرة المزخرفة بفن بديع فلم
يسلم منها شيء. لم يبق منها إلا ركام وأنقاض"[5].
بقيت المدينة وقتاً طويلاً مدفونة تحت رمادها. ,في نهاية
القرن السادس، ذكر الرحالة المسيحي انطونيوس الشهيد بأن المدينة كانت لا تزال
مدمرة حين مرَّ بها[7].(...)
المصدر : تاريخ بيروت – سمير قصير – دار النهار للنشر –
ط1 – تشرين الثاني 2006
ملاحظة: الصور أرشيفية.
[1]
Paul Collinet, Histoire de l’ École de droit
de beyrouth, Paris, Sirey, 1925, p. 36.
[2]
Ibid, p. 53.
[3]
Nonnos, XLI, fi 5 et XLII.
[4] Nina
Jidéjian, Beyrouth à travers les âges,
Beyrouth, Librairie orientale, 1993, pp. 150-151.
[5]
Collinet, op. cit., pp. 56-57.
[6]
Jidéjian, op. cit., p. 14.
[7] Ibid,
p. 150.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق