2020-03-02

البيانات ...والذكاء الاصطناعي...


لا ذكاء إصطناعي دون بيانات في لبنان



ربما يكون العالم العربي عامة وفي لبنان خاصة، بما فيه من مؤسسات وأفراد أكثر من يتحدث عن العصر الرقمي والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، علماً أن الدول العربية، ومنها لبنان؛ في الواقع من أكثر دول العالم مقاومة لممارسة الشفافية في مجال البيانات، هذا إن كانت هذه البيانات محفوظة أو موجودة أصلاً.

كثر يفهمون ماهية الذكاء الاصطناعي والبيانات التي يعتمد عليها، ويتعاطون معه كحل جاهز، يمكن استيراده طالما الأموال متوفرة، كذلك ينظرون بنفس النظرة إلى البيانات. لكن الواقع أن هذا مجرد خيالات، وبعيد جداً عن الواقع. فالبيانات التي يحتاجها الذكاء الاصطناعي ليتعلم التفكير ويقدم مساعدته لنا ولمؤسساتنا، لا بد من معرفة أن البيانات هي داخل مؤسساتنا وليس خارجها ولا يمكن استيرادها، ولا يمكن تخزينها كأسرار بحرص وتكتم.


وبناءً على ما تقدم لا بد من البدء من اعتماد الممارسات العلمية لحفظ البيانات وتنظيمها، والعمل على جمعها من أجل الاستفادة منها، ولعل المطلوب بشكل عاجل العمل على التأكيد على أهمية علم إدارة المعلومات وما يحتويه من مهارات ومعارف وموارد وإمكانيات تشكل الرافد الأكبر للذكاء الاصطناعي. عدا عن أن البيانات بأشكالها كافة، كما أن علم إدارة المعرفة أيضاً قد يشكلان مورداً إقتصادياً لا يستهان فيه، والأهم أنه غير خاضع لعامل النُدرة والتناقص، كما لا يمكن الاستهانة بالرأسمال المعرفي البشري، الذي يتزايد ويتراكم دون أي كلفة باهظة.

وأخيراً، لا بد إذا من إقرار القوانين والتشريعات، ووضع النظم اللازمة لحفظ البيانات، وكذلك البدء بالعمليات والإجراءات كافة لتسهيل الوصول إلى البيانات خدمة للتنمية في المجالات كافة في عالمنا العربي عامة ولبنان خاصة. فلا شك بأن البيانات تعتبر من الثروات الوطنية، وبشكل أدق قد تكون الممتلكات الغير ملموسة ولكنها الأغلى، والحفاظ عليها واستثمارها الفاعل سواء في التفكير أو تطوير الذكاء الاصطناعي سيشكل قيمة مضافة عالية الأهمية لتطور مجتمعاتنا. كما أن البيانات قد تشكل أهم ميزة تنافسية لمؤسساتنا وتطورها ونجاحها.

وزبدة الحكي، أن لبنان بما يمتلك من رأسمال بشري معرفي، وما يختزن من قدرات في مجالات الإبداع والابتكار لا بد أن يتوجه نحو إقتصاد المعرفة، والذي تشكل البيانات مدماك من مداميكه. ولطالما كان لبنان السّباق في أن يكون الأول دائماً وصلة الوصل ما بين الشرق والغرب، ومختبر التفاعل الحضاري، ولا يمكن أن ننسى أن الحرف أبحر من شواطئ لبنان إلى ما خلف البحار، كما حلق فوق الجبال نحو سهوب الصحراء...ولطالما كان لبنان طائر الفينيق الذي كان دائم الانبعاث ما بعد الاحتراق...



ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

  حصــــــــــــار المفـــكــــريــــــن الاستراتيجية والاستراتيجية المضادة المطلوب الثبات بصلابة أمام" حصار الداخل والخارج: إن التص...