نرفض الانتحار...نؤيد الابتكار...

لا نريد الانتحار ...نعم نعشق الابتكار

الابتكار السياسي هو الحل...

يمكن تعريف الابتكار السياسي Political Innovation بأنه "السياسات أو، الآليات، أو الأفكار، أو الممارسات الجديدة التي يطلقها، وينفذها الفاعلون السياسيون لإحداث أثار سياسية واجتماعية". وقد يأخذ الابتكار السياسي ثلاثة أشكال أساسية، إما الابتكار في الترتيبات المؤسسية للنظام السياسي، بما ينظم عمل المؤسسات والفاعلين في المجتمع السياسي، أو ابتكار في العملية السياسية ذاتها، وهي العملية التي يتم من خلالها صنع السياسة العامة عملياً، أو ابتكار في المخرجات السياسية من خلال الجهود المبذولة لتطوير وتعزيز الرؤى السياسية الجديدة، والأهداف، والاستراتيجيات، والبرامج السياسية.

ومن ثم، فإن هناك محددات أساسية لتمييز الابتكار السياسي عن غيره. يتعلق المحدد الأول بنوعية السياسة المطروحة، حيث يجب أن تتسم بالجدية والحداثة، علماً بأن المقصود بالحداثة هنا ليس معناه أن تكون الفكرة مختلفة بالكامل، وإنما يمكن أن تكون حديثة على بيئة تطبيقها، أو لم يتم تجريبها من قبل ومعرفة نتائجها. أما المحدد الثاني، فيركز على أهمية الفاعل السياسي، حيث إن الابتكار السياسي يأتي تطبيقه من خلال الفاعلين السياسيين دون غيرهم، وهو الأمر الذي لا ينفي ضرورة الشراكة مع باقي الفواعل في طرح الأفكار المبتكرة، بينما يظل تطبيقها حكراً على الفاعليين السياسيين دون غيرهم، أيضاً، فيما يتعلق بالدافع من وراء تطبيق السياسة الابتكارية، نجد أنها قد تأتي استجابة لضرورة سياسية، أو حاجة مجتمعية، أو استجابة لأزمة، أو كارثة، وهي الحالات التي تعمل كمحفزات للابتكار. وأخيراً، لا يأتي الابتكار السياسي لتحقيق مصالح فئة بعينها، أو أهداف سياسية محدودة، وإنما يأتي لإحداث أثر مجتمعي، وذلك للدلالة على التغيير السياسي ذي الأبعاد الاجتماعية، حيث إن الابتكار يأتي دائماً مدفوعاً برغبة مجتمعية في تطبيقه.

حقيقة الأمر، إن الابتكار السياسي دائماً ما يتم الخلط بينه وغيره من الظواهر الأخرى، حيث توجد صعوبة مستمرة في رسم خط فاصل واضح بينها. ومن أهم تلك الظواهر "التغيير"، أو "الإصلاح". كما أن التطبيق العلمي للمفهوم ينطوي أيضاً على معانٍ أوسع تتغير من تجربة لأخرى، ومن سياق لآخر. ففي حين يميل السياسيون إلى استخدام مصطلح الابتكار عند البدء في إدخال التغيرات التي تسعى إلى تحقيق أهداف ومصالح سياسية معينة، يحاول الباحثون التنظير للابتكار السياسي، من خلال تفسير مضمون ومعنى الابتكار في الحياة السياسية، وهو ما أضاف غموضاً للمفهوم. كما ينظر البعض إلى الابتكار السياسي مكملاً للابتكار الحكومي، حيث إن الابتكار السياسي يعد محدداً مهماً وجوهرياً لتسهيل الابتكار الحكومي. وتؤكد الكثير من الأدبيات أن ثمة علاقة ارتباطية قوية بين الابتكار السياسي والديمقراطية، حيث تهدف الابتكارات السياسية في أغلب الأحوال إلى تعزيز الديمقراطية، سواء من خلال دمجها في النظم السياسية القائمة، أو الاستفادة منها في تأسيس ترتيبات وأشكال ديمقراطية جديدة لتحقيق أهداف سياسية متعددة.