2016-09-18

حقيقة فرح المخدوعين...من سايكس – بيكو إلى لافروف - كيري



بداية، استعادة لبنود اتفاقية سايكس – بيكو...وظروفها..

أطراف اتفاقية سايكس - بيكو (روسيا - فرنسا، بريطانيا)

- تنال روسيا مدينة اسطنبول ومضيقي البوسفور والدردنيل وأقساماً واسعة من شرق الأناضول (كردستان، أرضروم، تبليس)

- تنال فرنسا الساحل اللبناني والسوري من رأس الناقورة جنوبا حتى كيليكيا شمالاً، تخضع هذه المناطق للنفوذ الفرنسي المباشر.

- تنال بريطانيا : منطقة تشمل العراق إلى شمالي بغداد إلى البصرة على الخليج الفارسي، تخضع هذه المناطق للنفوذ البريبطاني بشكل مباشر.

أما فلسطين تم الاتفاق على إخضاعها لحكم دولي خاص، بإشراف بريطانيا يشترك في وضعه الشريف حسين، إضافة إلى بقية دول الحلفاء.

كما تواصل الفرنسيون والإنكليز بإيطاليا وعرضوا عليها حصة من السلطنة العثمانية في جنوب غرب الأناضول وجزر الدوديكانيز، لكن إيطاليا ورغم دخولها الحرب العالمية الأولى الى جانب الحلفاء لم تحصل على ما وعدت به.

أيضا لحظت الاتفاقية وجود منطقتين :

منطقة - أ - تشمل ولايات حلب ودمشق والموصل، وهذه تعتبر دولة عربية، يكون لفرنسا فيها مركز ممتاز (إشراف فرنسي)

منطقة - ب - تمتد من جنوب المنطقة أ، حتى حدود نجد والحجاز، أي أنها تشمل شرق الأردن وقسماً من العراق، وهذه تعتبر دولة عربية، يكون لبريطانيا فيها مركز ممتاز (إشراف بريطاني).

مع نجاح الثورة الشيوعية في روسيا، تشر البلاشفة وثائق الاتفاقية، وصل خبرها إلى القادة العرب المتحالفين مع الحلفاء، استوضحوا بريطانيا الأمر، أنكرت حقيقة وجود الإتفاقية، وطمأنتهم، فناموا على أحلام إقامة المملكة العربية، ولكن بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى...بدأ الحلفاء العمل على تطبيق ما تقاسمه وفق اتفاقهم رغم أنف حلفاءهم من الثوار العرب.

لكن يغيب الحديث بأن هذه الاتفاقية قد نفذت بشكل معدل بسبب مستجدات سياسية طرأت فيما بعد، وتبدلت الأوضاع، لأسباب :

-         انسحاب الروس من الحرب وبالتالي انسحابهم من الاتفاقية.
-         قيام نظام الانتداب وظهور مصطفة كمال أتاتورك في تركيا.

وسبب مهم وغائب عن أذهان بداية دخول الولايات المتحدة الى مسرح الأحداث في الشرق الأوسط.

ولذلك ما تم تطبيقه بعد الحرب العالمية الأولى كان على الشكل التالي:

1-   لم تنل روسيا أي حصة وفق الاتفاقية.
2-   تم تعديل حدود منطقة النفوذ الفرنسية بحيث تخلّت فرنسا عن كيليكيا لتركيا.
3-   تم ضم الموصل إلى العراق الذي وُضع مع فلسطين والأردن تحت الإنتداب البريطاني.
4-   تم وضع كامل سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي.
5-   لم يصار إلى قيام الدولتين العربيتين (أ) و(ب).

وكان صدور وعد بلفور في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917 كطعنة بريطانية كبرى ليس فقط للعرب، بل للحلفاء كذلك.

في قراءة لما بعد اتفاق لافروف - كيري

عرضنا لماضي يتصل بالحاضر لنحاول استشراف المستقبل، ففي زمن يتحدث فيه الكثير من أهل السياسة والمحللين عن أن ما يحصل هو نسخة جديدة معدلة من اتفاقية سايكس - بيكو.

من الملاحظ أن العديد يتحدثون خرائط جديدة وقديمة تحتوي على خطوط حدود جديدة لكيانات ودويلات قد يكون منها ما انتهى إنجازه وبعضا منها ما يعمل على إنجازه ومنها ما يحضر للبدء فيه...والكل مبسوط وسعيد...بما أتيى للبعض من الذكاء، وما أتيى للبعض من غباء...وللأسف لا يوجد في صفوف العرب من يحمل شبهة ذكاء...بل فيش وتشبيه وشهادة بالغباء..

اليوم نعيش على وقع الأزمة السورية، وعلى وقع عذابات شعبها ومحاولة ساستها استعادة زمام المبادرة والسلطة، وفيما دول تعقد الاتفاقات فيما بينها حول حلول لهذه الأزمة، كان أخرها الاتفاق الأميركي الروسي... والذي جعل الأزمة السورية في حالة ضبابية غارقة في الغموض حول القادم من الأيام. ويحاول كثر التعرف على معالم الاتفاق الاخير من خلال التسريبات، ولكن يبدو ذلك عصياً في ظل الرفض الاميركي لنشر وثائق الاتفاق ومطالبة روسية بالكشف عنها...في لعبة تقاذف كرات المسؤولية عن عودة التدهور إلى سوريا.

في زمن اتفاقية سايكس - بيكو كانت روسيا طرفاً ، ولكن شاء القدر أن تقع الثورة في روسيا فينكشف مستور الاتفاقية، ولكن مع كل الأسف لم يعرف على مستوى كبير من الناس آنذاك حصة روسيا.

الكل يتحدث عن سايكس - بيكو جديد في الشرق الاوسط، وكثر حددوا معالمه كل حسب رؤيته...
وبالعودة الى الاتفاقية القديمة أي اتفاقية سايكس بيكو، لم يبقى من أبرز أصحاب تلك الاتفاقية على الساحة المشرقية حالياً سوى روسيا...فيما تحاول فرنسا اللعب ولكن على الخفيف، أما بريطانيا فقد تركت الساحة لحليفها الولايات المتحدة. أما أيطاليا فهي قد تخلت عن سياسة التوسع منذ زمن بعيد. ويبقى العرب، أين العرب؟ لحظة لم يكن العرب في الماضي موجودين، وهم الأن غائبين أيضاً ولكن يبقى من المضحك المبكي أنه في الماضي وأيضاً في الحاضر هناك عرباً دفعوا الثمن..والأخطر أنهم ما زالوا وسيبقون بعيدين عن أن يكونوا شعباً عربياً واحداً يتصدون للدفاع عن أرضهم. غابت قوى كبرى تقاسمتنا سابقاً وبقيت روسيا ودخلت الولايات المتحدة وما زلنا قبائل وعشائر عربية ولم نرتقي إلى مصافي شعب يكون الشعب العربي القادر على صناعة المستقبل والدفاع عن هذه الارض في وجه الطامعين، وفي مواجهة التحديات التي تواجهنا على مستوى الصعد كافة.

الخلاصة

سوريا هي مفتاح وعقدة الشرق الأوسط، وما سيحصل في سوريا سيترك آثاره وتأثيراته ومفاعيله على خريطة الشرق الاوسط، لم تعد أزمة سوريا أزمة بقاء الرئيس السوري بشار الاسد أو رحيله، بل أصبحت أزمة الشرق الاوسط، أصبحت أكبر من الصراع العربي الاسرائيلي وأكبر من قضية فلسطين وأبعد عن أزمة الديمقراطية في العالم العربي ، أصبح أزمة عالمية وعربية تتشابك خيوطها وتتعقد على حساب أرض سوريا وشعبها...ونحن في لبنان نتلهى في تبادل كرة المسؤولية حول تعطيل المؤسسات، وأهل الحل والعقد غارقين في حساباتهم الضيقة  ومشاكستهم الغبية والتافهة، وركضهم وراء المنفعة الشخصية...غير عابئين بوطن بات يتصدر المراتب الأولى في الفساد على المستويات كافة...وأخيراً، سنواجه مصيراً محتوماً وهو سقوط الوطن وتفككه وذوبانه... فمعالم التفكك أخذة في الظهور إلى العلن ...وبات من الممكن الرؤية بالعين المجردة كيف ترسم الحدود الجديدة بدمائنا... ونحن نرقص فرحين بأوهام الانتصار والمحافظة على الأنظمة ...فرحين باننا من المخدوعين دائماً في لعبة الأمم... ولات ساعة مندم...ولا عزاء لشعوب طائفية مذهبية عنصرية غبية لا تعرف صفاء النوايا وصدقها...وتحترف المنافقة والمداهنة والتزلف فيما بينها...ولا تفقه سوى سبل تحصيل فتات موائد جلاديها...وتصرخ فقط ...بالروح بالدم نفديك يا زعيم...والزعيم يقدمها قربان لزعامته أمام دول كبرى لا تريد سوى لذة السطوة والسيطرة على البلاد والعباد...دون رحمة أو رأفة أصبح العالم يعيش دونهما منذ زمن بعيد...


ليست هناك تعليقات:

مشاركة مميزة

  حصــــــــــــار المفـــكــــريــــــن الاستراتيجية والاستراتيجية المضادة المطلوب الثبات بصلابة أمام" حصار الداخل والخارج: إن التص...